تتصاعد في إسرائيل أزمة غير مسبوقة في القضاء العسكري، مع اقتراب انفجار
ملف قد يفتح "صندوق باندورا" ويكشف ممارسات حساسة ومحرجة لمسؤولين كبار
في النيابة العسكرية، وربما خارجها.
القضية انطلقت بعد العثور على شبهات مرتبطة بسلوكيات غير قانونية لمسؤولين
إسرائيليين رفيعي المستوى خلال الحرب على غزة، بالتزامن مع التحقيقات في قضية
التعذيب والاعتداء الجنسي على معتقل فلسطيني داخل سجن "تيمان"، حسبما
ذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية.
ويفعات تومر يروشالمي التي فقد أثرها ثم تم العثور عليها ومحبوسة
حاليا، كانت قد تقدمت باستقالتها من منصبها عقب ثبوت تورطها بتسرب مقطع فيديو
لتعذيب أسير فلسطيني.
وقدمت المدعية العسكرية العامة في إسرائيل استقالتها لقائد هيئة أركان
الجيش إيال زمير على خلفية التحقيقات بتسريب توثيقات تعذيب الأسرى الفلسطينيين في
معتقل سدي تيمان.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان: "طلبت المدعية العامة العسكرية،
يفعات تومر يروشالمي، من رئيس الأركان، إيال زامير، صباح اليوم الجمعة، إنهاء
خدمتها".
وأضاف: "وقبل رئيس الأركان طلبها بإنهاء خدمتها فورا، وسيعمل على
استقرار النيابة العامة العسكرية وحماية جنود الجيش. ويعرب رئيس الأركان عن ثقته
بإجراء تحقيق شامل لكشف الحقيقة".
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس عزل المدعية
العسكرية العامة من منصبها للاشتباه في تسريبها مقطع فيديو يظهر اعتداء وحشيا على
أسير فلسطيني العام الماضي.
وقال كاتس إن يروشالمي لن تعود إلى منصبها لتورطها في تسريب المقطع
المصور عن معتقل سدي تيمان، مضيفا أن كل من ساهم في "التشهير الدموي"
بالجنود في قضية سدي تيمان سيحاكَم.
وما زالت الشرطة تبحث عن الهاتف المحمول الذي اختفى ويعود للنائب العام
العسكري السابق، اللواء يفعات تومر-يروشلمي، في حين تتداول القيادة العسكرية
والسياسية معلومات خطيرة حول مراسلات ومعلومات سرية محفوظة في أجهزة هواتف محمولة
أخرى.
وأضاف أن المواد التي يتم فحصها قد تمتد آثارها إلى مستويات أعلى من
النيابة العسكرية نفسها، في حال وصلت إلى الجمهور أو خرجت عن السيطرة.
ومن المقرر أن يتم عرض المدعي العسكري السابق متان سولومش أمام المحكمة
لطلب تمديد اعتقاله 5 أيام إضافية، بعد الاشتباه في مشاركته بالتغطية على تسريب
معلومات حساسة. وهناك توقعات بإقالات أو استقالات لعدد من كبار ضباط النيابة خلال
الأيام المقبلة، مع توجه أجهزة التحقيق لاستدعاء المزيد منهم.
وبعد استقالة تومر-يروشلمي، يجري صراع داخلي على هوية خليفتها، وسط خلاف
بين وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (المذكور هنا إسرائيل كاتس بسبب خطأ منشور
أصلي) ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، حيث يصر الطرفان على تعيين شخصية "من خارج
الدائرة" لإعادة الثقة بالنظام القضائي العسكري، وإن كانت التوجهات مختلفة
حول خلفيته وطبيعة دوره.
وبحسب "يديعوت أحرنوت"، تطرح داخل المؤسسة العسكرية أيضا خيارات
تعيين جنرال سابق بخلفية قتالية وإسناد الجانب القانوني لنائب متخصص من داخل
النيابة، في محاولة للقول إن المنظومة تتجه لـ"تجديد جذري" وتطهير داخلي
في وقت يرى فيه مراقبون أن جوهر الأزمة يكشف ثقافة تعتيم وتستر وتركيبة سلطوية من
الصعب إصلاحها.
تأتي هذه التطورات بينما تواجه إسرائيل واقعا سياسيا وعسكريا مرتبكا بعد
الحرب على غزة التي اندلعت إثر تنفيذ فصائل فلسطينية هجوم "طوفان
الأقصى" في 7 أكتوبر 2023، ما كشف عن تصدعات عميقة داخل المؤسسة العسكرية
والأمنية الإسرائيلية.